من مدير سائق إلى مدير قائد

من مدير سائق إلى مدير قائد

د.رياض الغيلي

لا يزال الكثير من المديرين في منظمات الأعمال العربية يديرون منظماتهم بنفسية (المدير السائق) اعتقاداً منهم أنها الطريقة الأفضل لقيادة منظماتهم نحو تحقيق أهدافها, غير أن هذا النمط من الإدارة الذي ساد في عصر (الإنتاج الكبير) لم يعد صالحاً في عصر الانفتاح الاقتصادي الذي يشهده عالم اليوم، وأصبح لزاماً على كل (مدير سائق) أن يُعيد النظر في نمط إدارته، وأن يعكف على تغييره إلى نمط (المدير القائد)، وسأحاول في هذه المقالة أن أوضح الفرق بين نمط المدير (السائق) ونمط المدير (القائد).

المدير (السائق) مثله كمثل الراعي الذي يسوق أغنامه من الخلف, ولا يتأتى له ذلك إلا إذا كان يمسك بعصا غليظة يطيح بها على ظهور أغنامه لكي تسير نحو الهدف, فإذا تخلى الراعي عن عصاه فقد السيطرة على أغنامه، وتنافرت يميناً وشمالاً إلى غير هدفه, وكذلك المدير (السائق) لا يستطيع قيادة مرؤوسيه نحو أهدافه إلا بعصا القوة والسيطرة المتمثلة في أسلوب العقاب الذي ينم عن شخصية إدارية متسلطة لا تثق بالمرؤوسين, ولا تمارس أي نوع من أنواع التحفيز, وتجري اتصالاتها دائماً في اتجاه واحد من القمة إلى القاعدة, وتتخذ قراراتها بانفراد, وتنفذها بقمعية.

المدير (السائق) مثله كمثل صاحب الحمار الذي وضع لحماره جزرة في طرف العصا، ووضعها أمامه ممسكاً بطرفها الآخر لكي يستطيع قيادته نحو وجهته, فسار الحمار ليس نحو الهدف بل نحو الجزرة, وبالتالي فلن يبلغ صاحب الحمار هدفه ووجهته إلا إذا ظل ممسكاً بالعصا من الطرف الآخر, فإذا غفل عنها، وسقطت من يده؛ فقد سيطرته على حماره؛ وظل الحمار ثابتاً دون حراك, وكذلك المدير (السائق) لا يستطيع قيادة مرؤوسيه نحو أهدافه إلا بالعصا والجزرة المتمثلة في أسلوب الإغراء الذي ينم عن شخصية ديكتاتورية عادلة في ذات الوقت, عادلة من حيث الاهتمام بالمرؤوسين من خلال منحهم المكافآت المجزية, وديكتاتورية من حيث أنه لا يسمح بالنقاش أو النقد أو المعارضة لأنه يعتبر نفسه مثال الحكمة والعلم والرحمة.

المدير (القائد) مثله كمثل الراعي الذي يقود أغنامه من الأمام وليس من الخلف، ولذلك فإن معنى القيادة في اللغة جاء من (القَوْد) والقود هو زمام الدابة الذي يمسك بطرفه قائدها فيسير أمامها وهي تسير خلفه, حتى إذا أفلت الزمام من يده تظل الدابة سائرة خلفه حتى يبلغ بها هدفه, وكذلك المدير القائد يمتلك من سحر الشخصية ما يجعل مرؤوسيه يسيرون طوعاً خلفه نحو بلوغ الأهداف، وهو يتصف بالصفات التالية:

يجعل إدارته أكثر ديناميكية وحركية.
نشيط, طموح, متفتح الذهن.
عملي, مبدع، عميق التفكير.
صبور, مثالي, يثق بنفسه وبمرؤوسيه.
متواضع, ودود, قريب من مرؤوسيه.
يقبل الحوار والنقاش, ويتقبل النقد.
يشرك مرؤوسيه في اتخاذ القرارات.
التواصل بينه وبين مرؤوسيه في اتجاهين متوازيين.
يمتلك نظرة ثاقبة للمستقبل، وله قدرة على التخطيط الاستراتيجي.
أهدافه واضحة ومعلنة للجميع.
يدير وقته بكفاءة وفاعلية.

للاسف لا يمكنك التعليق الا بعد التسجيل في الموقع أو اذا كان لديك عضويتة فضلا قم بتسجيل الدخول
Sidebar Banner
Sidebar Banner