سيرته الذاتية:
ولد فيليب كروسبي، في ويلينغ، ولاية غرب فرجينيا الأمريكية في 18 يونيو 1926م، وتوفى في 18من شهر أغسطس عام 2001 م، وبدأت حياته العملية – بعد أدائه للخدمة العسكرية أثناء الحرب العالمية الثانية والصراع الكوري – في التعليم في المدرسة الطبية في فترات تخللت ذلك. وعمل مع شركة كروسلي في الفترة من 1952- 1955م، وكذلك عمل مع شركة بيندكس ميشاواكا في الفترة من 1955- 1957م، كما عمل مع شركة مارتين ماريتا في الفترة من 1957- 1965م. وحصل في عام 1964م على ميدالية الخدمة المدنية المميزة من شعبة الجيش اعترافًا له بتطويره لمفهوم العيوب بدرجة الصفر. وعمل نائبًا لرئيس قسم الجودة مع المدير التنفيذي لشركة ITT هارلولد جينين في الفترة من 1965- 1979م، عندما أسس منشأته الاستشارية الخاصة به.
يشتهر عالميًا بأنه المحرك الرئيس لثورة الجودة. وشغل في السابق منصب نائب رئيس شركة ITT، ورئيس “شركة فيليب كروسبي وشركاؤه” وكليته للجودة المتجددة، ويصنف من بين أكثر الأشخاص الجديرين بالاحترام، وأكثر مستشاري الإدارة والمثقفين الذين يطلبون بكثرة. وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر كروسبي واحدًا من المؤلفين الذين ألفوا كتبًا في إدارة الأعمال كانت من أكثر الكتب مبيعًا، وله أعمال بارزة تضاف إلى رصيده مثل: الجودة مجانًا Quality is Free (بيع منه 1.7 مليون نسخة)، والجودة بلا معاناة Quality Without Tears(بيع منه 400000 نسخة)، وإدارة الأمور Running Things، والمنظمة الناجحة إلى الأبد The Eternally Successful Organization، وعملية القيادة Leading، ودعنا نتحدث بلغة الجودة Let’s Talk Quality. وكان كروسبي قبل وفاته يقيم في ميتلاند بفلوريدا، حيث كان يشغل منصب رئيس شركة كاريير الرابعة.
وتعتبر المسيرة المهنية المميزة للسيد فيليب كروسبي (1926- 2001م) متفوقة وتحظى بسمعة طيبة في كل جمعيات الجودة العالمية. وقد كان فيلسوفًا لامعًا لأكثر من 35 عامًا وصاحب مهنة ناشط في مجال إدارة الجودة. وساعدت كتاباته في حث الاهتمام الدولي في مجال الجودة والذي كان بمثابة المادة المحفزة لإحداث صحوة عالمية، وكان دافعًا لحركة عالمية نضجت خلال العقدين الأخيرين. وكان لتفكيره التجديدي ونظرته المبدعة في إدارة الجودة إلهام بالنسبة لآلاف الشركات حول العالم. وقدم كثيرًا من الإسهامات المهمة في معرفة الجودة، وعمل سفيرًا دوليًا في مد تأثير فكر الجودة إلى أقصى مناطق الكرة الأرضية. وتمثل أحد المجالات التي أولاها عناية طوال حياته المهنية – في تركيزه على التواصل الواضح لرسالة الجودة. ويعتبر السيد كروسبي كاتبًا وعاملاً متواصل الإنتاج قدم رسالته بشكل مبسط، ووصل إلى جمهور عريض نسبة لما يتميز به من أسلوب واضح وواقعي في الكتابة.
أسس في عام 1979م “شركة فيليب كروسبي وشركاؤه المحدودة”، وشهدت الشركة نموًا خلال السنوات العشر التالية وأصبحت منظمة تجارية يتعامل معها الجمهور بشكل واسع، وكانت تضم 300 موظف حول العالم ويبلغ إجمالي دخلها 100 مليون دولار، وتعلم – من خلال كلية إدارة الجودة فيليب كروسبي وشركاؤه – أن يؤسس لثقافة وقائية لإنجاز الأمور بشكل صحيح من المرة الأولى. ولجأت إليه شركة جنرال موتورز، وكرايزلر، وموتورولا، وزيوروكس، وعدد كبير من المستشفيات ومئات من الشركات على مستوى العالم لفهم إدارة الجودة. وغرست فلسفته في عصب هذه المؤسسات الصغيرة منها والكبيرة.
تقاعد في عام 1991م من “فيليب كروسبي وشركاؤه” وأسس شركة كارير الرابعة المحدودة، وهي شركة تقدم محاضرات وسمنارات تهدف إلى مساعدة المديرين الواعدين على النمو. واشترى في عام 1997م أصول “شركة فيليب كروسبي وشركاؤه” وأنشأ شركة فيليب كروسبي الثانية المحدودة. واستمرت كلية الجودة في العمل فيما يربو على 20 بلدًا حول العالم.
ألف السيد كروسبي 13 كتابًا في الجودة، وتمت ترجمة هذه الكتب إلى 17 لغة وبيع منها ملايين النسخ بطبعاتها المختلفة. ونال درجة علمية من كلية أوهايو لطب الأقدام، ودرجات شرفية في الحقوق من كلية ويلينغ وكلية رولينز والدكتوراة الفخرية في الإدارة المشتركة من جامعة فيندلي.
مساهماته:
تعد مساهمات كروسبي وخدماته معروفة لدى كل جمعيات الجودة في كل أنحاء العالم، وساعد تأثيره على إقامة جسر بين قادة إدارة الأعمال عالميًا. وقد عمل من أجل قضية حركة تطوير الجودة على مستوى العالم من خلال مساهماته الشخصية الكثيرة خلال العقود الأربعة السابقة. وطور مفاهيم عملية تعتبر من العناصر الأساسية لمعرفة الجودة، يشمل ذلك ثوابته الأربعة عن إدارة الجودة:
الجودة تعني المطابقة مع المتطلبات وليس الصلاح.
يتم بلوغ الجودة من خلال الوقاية وليس التخمين.
للجودة معيار أداء يبلغ صفرًا من العيوب، وليس مستويات جودة مقبولة.
تقاس الجودة بسعر عدم المطابقة، لا بالمؤشرات.
يعد كتابه ” الجودة مجاناًَ” واحدًا من الإشارات الأولى لعقد من الجودة في ثمانينيات القرن العشرين عندما برزت الجودة كمهنة وبيئة عمل قابلة للتطبيق. وقد بيع منه ما يربو على مليوني نسخة.
ويعتبر السيد كروسبي، فيليب فيلسوفًا في إدارة الأعمال، ويتمتع بخبرة تزيد على 40 عامًا في عمله المباشر في مجال الإدارة. ويدرس في مجال علم الإدارة كيفية الاهتمام بالمنظمات، وموظفيها ومورديها وأنفسها لتحقيق النجاح.
عندما انضم كروسبي، فيليب إلى عالم إدارة الأعمال في عام 1952م كفني حديث السن، كانت فكرة الجودة واضحة بالنسبة له: ليس هناك مُنتج يتوقع أن يتطابق منتَجَه مع المتطلبات، ليس هناك مستندات عمل يتوقع منها أن تكون مكتملة أو خالية من الأخطاء، لقد مرت الإدارة من خلال آليات أصبحت فيها مشتاقة إلى تقديم “الجودة” للعملاء، وتعتبر أقسام الجودة مسئولة عن تحقيق وضبط الجودة، ولم تقدم مكافأة رسمية للجودة في المجالات التي يشغلها ذوو “الياقات البيضاء”.
تمحور تعليمه في تخصص الجودة حول اكتشاف الفشل كما تثبته قوانين الاحتمالات الإحصائية. ويدرس الناس كيف يحتوون ذلك بقدر الإمكان. إن موظفي قسم الجودة الأكثر قيمة هم من يصبحون ماهرين في إجادة عمل التسويات التي تنشأ عنها انحرافات وتنازلات، والتي تجعل تدفق المنتج مستمراً. لا يتوقف خط التجميع إلا تحت ظروف طارئة جدًا، ويقاس المديرون بعدد كمية المنتجات التي تخرج من الباب.
عندما عمل السيد كروسبي مع شركة ميشاواكا في الفترة من 1955- 1957م، استبد به العجب بشأن الأخطاء متعذرة الاجتناب، لكن في وجه التمسك بالعادات والتقاليد سيكون هناك دعم لا يذكر من التفكير في مقاومتها. ويوضح تحليل المصداقية أنه من غير الممكن أن تحصل على أي شيء بشكل صحيح من المرة الأولى، وربما حتى في المرة الثانية. ونتيجة لذلك تقدم نسخ عديدة عند عمل التصميم، ويتم شحذ همة العمل حتى تصبح قوية جدًا.
كان هذا السيناريو تحديًا للسيد كروسبي أثناء السنوات الثماني الأولى من عمله، فقد ترقى من مفتش جودة إلى مهندس اختبار المصداقية إلى رئيس قسم. وخلال هذا الوقت كان يحاول أن يقنع العاملين بأن ذلك يؤدي إلى كثير من التلف والتشويش في إدارة العمل، ولكن الحكمة التقليدية في الجودة في كل أنحاء العالم مبنية على المستوى المقبول المتعارف عليه للجودة.
إن عمل السيد كروسبي مع شركة مارتن اورلاندو في عام 1957م ساعده على إدراك أنه ربما يتوجب عليه مواجهة الحقيقة، حتى ولو لم يواجهها بقية العالم، جاء ذلك من خلال مروره بثلاثة أحداث مهمة هي:
أولا:ً أوضحت محادثة عرضية للسيد كروسبي مع أحد المستخدمين القدامى في قسم الجودة بشركة مارتن أنه لا شيء قد تغير في مجال عمل صناعة الفضاء في الخمسة وثلاثين عامًا الماضية. كان الاهتمام الرئيس منصبًا على التنازلات والانحراف عن السياسات المقررة. ولم يكن هناك اهتمام بسياسة الوقاية كما تم تنفيذ قدر قليل من التدريب، وكان العميل سعيدًا ما دام أنه لا يدرك أنه لا يوجد أي اختلاف.
ثانيًا: تعرض السيد كروسبي لرياضيات الاحتمالات الخاصة بوكالة الصواريخ البالستية التابعة للجيش، والتي تبين أن الثقة في النظام هو نتاج الثقة في العنصر الفردي. وعلى سبيل المثال إذا كان لمائة عنصر اختبارات ثقة فردية بنسبة 99% فالثقة على الكل تصبح 36.5%. وكان ذلك يعني بالنسبة له أنه لا يوجد شيء يمكن أن يعمل بشكل جيد من المرة الأولى.
ثالثًا: تعرض السيد كروسبي لتحد من قبل كبير المديرين لتقليل مقدار الأخطاء في عملية إرسال الصواريخ إلى كيب كانفيرال لإجراء اختبار الطيران عليها. كان يجب عليه تقليل الأخطاء إلى درجة الصفر لتجنب حدوث المضايقات من قبل طاقم شركة مارتن في كيب كانفيرال.
وتمخض عن كل ذلك مفهوم عيوب الصفر. كان السيد كروسبي يفترض أن العاملين يقومون بأداء عملهم وفق المعيار الإداري الذي وضع لهم. وطالما أن الإدارة يطلب منها “مستويات جودة مقبولة” (AQLs) فهي بالتالي تشجع حدوث الأخطاء وتتلقاها.
أدرك السيد كروسبي في عام 1961م ان الطريقة التي تظهر للإدارة ولزملائه في الجودة خطأ أساليبهم لتحديد الجودة تكون بشكل مختلف، ووضع سياسة تقضي على عملية مستويات الجودة المقبولة “مطابقة المتطلبات وليس مدى صلاحيتها”، ولذلك فإن السياسة يجب أن تكون العيوب صفرًا، وليس مستويات جودة مقبولة.
وتم تطبيق عيوب الصفر من قبل مصلحة الدفاع ووسائل الإعلام فورًا كبرنامج لتحفيز العامل. وكان السيد كروسبي يعنيها بوصفها سياسة إدارية. ويعتقد أن ذلك يمكن أن يساعد في هذه الحملة العنيفة الشخصية من قبل المتخصصين في ضبط الجودة. لكنه وجد أنه يهاجم من قبل قادة الفكر في ضبط الجودة. وكانوا يهزءون بأفكاره دون أن يسألوه عما يعتقده. وكتب مقالات قليلة عن الموضوع، وقدم مئات المحاضرات. لكن حتى هذا اليوم فإن أغلبهم لم يغيروا أفكارهم.
حظي السيد كروسبي بزيارة من الدكتور كوبويوشا من شركة “إن آي سي” في اليابان الذي أراد ان يعرف كل شيء عن طريقة تفكيره. وكان ذلك شيئًا لم يطلبه منه أي شخص من قبل، فكانوا كلهم يدعون المعرفة. وشرح له السيد كروسبي أن التطبيق التقليدي لضبط الجودة، وتأكيد الجودة والإحصائيات والأدوات الأخرى كانت معوقة للإنتاجية نسبة للافتراض القائل بأن الخطأ حتمي. واعتبر الدكتور كوبويوشا أن صفرًا للعيوب موضوع واقعي، وهي الطريقة نفسها التي يتخذها السيد كروسبي، ثم غادر إلى اليابان. واستغرق الأمر من الدكتور كوبويوشا بعض الوقت لفهم الأمور، حتى أقامت اليابان احتفالاً كبيرًا في عام 1987م بمناسبة مرور عشرين سنة لإطلاق سياسة صفر للعيوب.
التحق كروسبي بالعمل في رئاسة مؤسسة “آي تي تي” في نيويورك، وقضى السنوات الأربع عشرة التالية من أجل إثبات مفاهيمه وهو يعمل على ترسيخ فلسفته عن إدارة الجودة. وكانت المؤسسة تضم في ذلك الوقت 400.000 موظف في 46 بلداً. وكانت النتائج مذهلة. فقد أصبحت شركة آي تي تي معيارًا معترفًا به للجودة في مجالاتها، بما في ذلك عمليات الخدمات كالفنادق والتأمين. وحقق – أيضًا – إجراء عدم المطابقة توفير مئات الملايين من الدولارات.
لقد أثبت كروسبي أن عملية الوقاية بدلاً من عملية الكشف والتصحيح تجعل الشركة أكثر ربحية وموثوقية، وأراد أن يجعل بلده يستفيد من ذلك. فقرر تأليف كتاب يمكن أن يساعد المديرين على فهم كل من دورهم الشخصي لإنجاح الجودة، ورؤية ما سوف يحدث في شركاتهم.
فكتب: الجودة مجانًا: فن جعل الجودة أمرًا مؤكدًا Quality is Free: the Art of Making Quality Certain والذي يوضح بمصطلحات فنية مبسطة أن بمقدور الإدارة الاهتمام بأمر الجودة. وأصبح الكتاب من الكتب الأفضل مبيعًا كما ذكرنا سابقًا.
وتمت مراجعة كتاب “الجودة مجاناً” من قبل مجلة البزنس ويك والعديد من المطبوعات الأخرى. وبدأ العالم يأخذ أفكار كروسبي بشكل جدي. والأمر الذي تجاوب معه المديرون هو مسألة أن بإمكانهم فعل شيء بخصوص الجودة. وحتى ظهور الكتاب لم يكن المديرون يفهمون ماذا تعني الجودة. وهي شيء غامض لا يمكن فهمه وقليل من الناس فقط يفهمونه. والآن بإمكانهم فهم أن الجودة تعني مطابقة المتطلبات. ويمكنهم التركيز على المساعدة لوضع متطلبات واضحة ويصرون على مطابقتها. وبمقدورهم العمل بشكل لصيق مع العاملين وإدراك أنهم لم يفعلوا ذلك في الماضي.
وبعد أن ترك شركة آي تي تي أنشأ شركة فيليب كروسبي وشركاؤه المحدودة، مع فكرة الكتابة وإلقاء المحاضرات وعمل الاستشارات. واكتشف سريعًا أنه يحتاج إلى منظمة أكبر ليصبح أكثر نشاطاً في مساعدة العملاء. ومن أهم الأقسام في شركة فيليب كروسبي وشركاؤه المحدودة PCA كلية الجودة، حيث يتعلم المديرون دورهم في جعل الجودة أمرًا حقيقياً. وفي الحال لجأت إليه شركات آي بي إم، تينانت، زيروكس، جي بي ستيفنز، ميليكين، سيلانيز، بيندكس، آي إم بي، آرمسترونغ ورلد للصناعات وشركات ناجحة أخرى تبحث عن المساعدة. وبدءوا يدركون أنه لا شيء يمكن الوثوق به. وتقوم كلية الإدارة بتدريس الإداريين أساسيات الجودة وفقًا لكروسبي.
انتشرت الشركة على المستوى الشعبي في عام 1985م وأنتجت أفلامًا وكتيبات عمل بسبع عشرة لغة لتصل لجميع عمال الشركات التي تتعامل معها الشركة حول العالم.
وبينما كانت تلك الأمور تسير على الوجه المطلوب فقد كتب مجموعة من المقالات وثلاثة عشر كتابًا في إدارة الجودة، والعلاقات الإنسانية والقيادة. كما يعتبر كروسبي “معلمًا روحيًا للجودة” دَرَّسَ المديرين فلسفة إنجاز الأمور بشكل صحيح من المرة الأولى.
وعندما رغب في تقديم مزيد من المحاضرات والتأليف وافق على بيع حصص الشركة لشركة استشارات أخرى في عام 1989م. لكن هذه العلاقة لم تنجح وتخلى عن الشركة في عام 1991م. واشترى في عام 1997م الشركة مرة أخرى بعد أن أهلك الملاك الجزء الأعظم منها. وأعاد إنشاءها باسم “PCA II” فازدهرت الشركة الجديدة بالتقنية الحديثة والعمليات حول العالم.
طبقت مفاهيم كروسبي بنجاح في جميع أنحاء العالم في كل صناعة تقريبًا بما في ذلك المجال الحكومي. ونصف عدد الشركات هي شركات خدمة حقيقية مثل البنوك. وبدأت ثورة الجودة الحقيقية في مواصلة الانتشار.
وعلى صعيد الحياة الخاصة فقد استمر هو وزوجته في العمل على فلسفة الوقاية. ومولا إنشاء مركز بيغي وفيليب كروسبي في مدينة وينتر بارك بفلوريدا، ومركز جمعية بيغي كروسبي في مدينة هايلاندز بكارولينا الجنوبية، وبرامج منح دراسية كاملة في كلية رولينز، والعديد من البرامج الموجهة للشباب. واستمر في الكتابة وتقديم المحاضرات والسفر حول العالم لمساعدة القادة على فهم مفاهيم إدارة الجودة إلى ان توفي في أغسطس من عام 2001م عن عمر يناهز الخامسة والسبعين.
ارتباط الأيزو 2000:9000 بمبادئ كروسبي:
أحدث كروسبي ثورة لمعيار الأيزو 9000 تعتبر أقل توجيهية بشكل كبير من سابقاتها. وبدلاً من تشريع مجموعة من ممارسات ضبط الجودة التي يجب أن تطبق لتحقيق المطابقة، فهي تقدم الإرشاد في كيفية تكوين ثقافة يحتاج العميل لاستيفائها في كل مرة. وللقيام بذلك على هذا النحو فإن معيار 2000 اقترب أكثر مع مبادئ إدارة الجودة والتي كتبت أولاً في كتابه الجودة مجانًا Quality Is Free، وتدرس اليوم من قبل شركة كروسبي وشركاؤه الثانية.
المبادئ الثمانية لإدارة الجودة:
أعيدت صياغة معيار الجودة الأيزو 2000:9000 حول مجموعة من ثمانية مبادئ لإدارة الجودة. وتم شرح ذلك بشكل كامل في معيار الأيزو 9004، وهو جزء من عائلة الأيزو 9000 ويقدم موجزات لتطبيق متطلبات الأيزو 9001. ومثل الكثير من المساعي الإنسانية، فإن الممارسات تأتى أولاً، ومن ثم تصاغ المبادئ لاحقاً. ويقوم المعيار بإيصال الفلسفة التي يتم تركيبها من التجارب الناجحة للكثير من الشركات.
من المفيد جدًا بحث كيف أن معيار الأيزو 2000:9000 يختلف عن معيار 1994م في سياق كل من المبادئ الثمانية. ومن المفيد أيضًا دراسة كيف أن المعيار الجديد ينحاز إلى مفاهيم إدارة الجودة التي قام بتطويريها كروسبي ويعمل على تدريسها.
المبدأ الأول: التركيز على العميل:
ينص المبدأ الأول للجودة (طوره فيليب كروسبي) على أن تعريف الجودة هو المطابقة مع المتطلبات. ومن أجل أن يعتبر جزء من العمل عمل جودة، يجب أن يتطابق مع المتطلبات المتفق عليها. ويتم وضع هذه المتطلبات عن طريق الحوار مع العميل من خلال فهم توقعاته، ثم ترجمة هذه التوقعات إلى متطلبات قياسية معينة لكي يتم بموجبها تقديم المنتج أو الخدمة.
يتطلب المعيار 2000 أن يكون لدى الشركة إجراء معين لتحديد متطلبات العميل، وكذلك قياس رضا العميل للتأكد من حصوله عليها. وبإمكان الشركات تحديد متطلبات العميل من خلال الكثير من المصادر: الإجرائية مثل: بحث السوق، ومجموعات التركيز واختبار التسويق والتفاعل مع السوق، والحصول على البيانات من خلال ما يرتد من العميل، والشكاوى وحصة المنافسين في السوق.
المبدأ الثاني: القيادة:
لا يمكن ان تكون هناك عملية تغيير أو تحسين ناجحة من دون إدارة عليا قائدة. وقد وصف كتاب كروسبي “الجودة مجاناً” سلسلة الخطوات الإدارية (الخطوات الأربع عشرة لعملية تحسين الجودة) من أجل مساعدة الإدارة العليا للمنظمة لتكوين ثقافة تحسين جودة.
وتتطلب الخطوات الأولى لهذه القيادة – تعهد الإدارة المخول – أن تقوم الإدارة العليا بتطوير وترويج سياسة الجودة التي توجه إجراءات تحسين المنظمة.
ويركز المعيار 2000 بشكل كبير على دور القيادة في الإدارة العليا في تحديد السياسات والتطبيقات التي تشكل إجراءات جودة المنظمة. ويتطلب المعيار 1994م أن تقوم المنظمة بتعيين “ممثل للإدارة”، ويكون لديها سياسة جودة. ويعتبر دور الإدارة أكثر شمولية. فالإدارة يجب أن يكون لها دور فاعل في مراجعة الأداء الحالي، وتوجيه جهود التحسين، وتوفير الموارد الضرورية للتطبيق والحفاظ على إجراءات التحسين بشكل متواصل.
وتعتبر القيادة – من خلال الإدارة العليا في تجربة كروسبي – هي العامل الوحيد الأكبر في نجاح جهود تحسين الجودة. والتركيز المتزايد على دور الإدارة العليا يعد إضافة مقبولة بالنسبة لمعيار الأيزو 2000:9000.
المبدأ الثالث: مشاركة العاملين:
تركز عملية تحسين الجودة لكروسبي على الحاجة إلى مشاركة كل موظف في عملية التحسين. إن لكل موظف معرفة خاصة ومسئولية عن العمل الذي يؤديه. وينبغي أن تمد عملية الجودة كل موظف بالمعرفة والمهارات ليحسن هذه العمليات الخاصة بالعمل بشكل متواصل.
ويتطلب المعيار 2000 أن تتأكد الإدارة أن كل الموظفين “يدركون” الكيفية التي تسهم بها أنشطتهم لتحقيق أهداف جودة المنظمة. وتتطلب أيضًا أن تقدم الإدارة التدريب وتتأكد من أن الموظفين أكفاء (ليسوا مؤهلين فقط) لأداء العمل الموكول إليهم. ويعرف قاموس ويبستر الكفاءة بأن تكون لديك “قابلية أو قدرة مساوية للمطلب”.
المبدأ الرابع: منهج العملية:
هناك مفهوم أساسي يتضمن الثوابت الأربعة لإدارة الجودة، هو أن كل العمل هو عبارة عن عملية. إن لكل عملية عملاً مخرجًا محددًا، يتم أداؤه من أجل عميل معين، باستخدام المدخلات التي يقدمها الموردون. إن إجراء العمل يتفق مع المتطلبات التي يجب استيفاؤها.
يحدد المعيار 2000 العملية بأنها “نشاط يستخدم موارد، ويعمل على تمكين تحويل المدخلات إلى مخرجات”. ويعرف “منهج العملية” بأن العمل يتألف من سلسلة من العمليات الفردية، مع مخرجات عملية واحدة وكثيرًا ما يتم تقديم المدخلات للعملية التالية.
ويعزز نظام إدارة الجودة “المبني على العملية” النظر إلى العمل من خلال خطوط الأقسام، محاولاً تحديد التفاعل بين العمليات. ويبعد مفهوم “إدارة العملية” معيار الأيزو بعيدًا عن جذور ضبط جودته ليجعله منحازًا مع تفكير التحسين المتواصل الحالي (يشمل ذلك منهجيات “السيجما 6” والمؤسسة التجارية الهزيلة).
المبدأ الخامس: منهج الإدارة:
ينص المبدأ الخامس للجودة (طوره فيليب كروسبي) على أن نظام الجودة هو الوقاية، وليس التقييم أو التفتيش. ويحافظ المعيار 1994 على الكثير من العناصر التقليدية لضبط الجودة (التقييم)، ويقدم القليل لتشجيع الشركات لتطبيق ثقافة مبنية على الوقاية.
ومن أجل وجود منهج نظام لإدارة متطلبات الجودة، يجب أن توفر إدارة المنظمة موارد وتضع عمليات ذات كفاءة من أجل:
تحديد ما يتوقعه العميل.
ترجمة هذه التوقعات إلى متطلبات محددة للمنتجات والخدمات.
تطوير عمليات ذات كفاءة لتقديم المنتجات والخدمات بشكل موثوق.
إجراء القياس للتأكد من أن العميل يتلقى ما وعد به.
اتخاذ إجراء لتحسين هذه العمليات بشكل مستمر بناء على البيانات التي يتم تجميعها.
ويصف المعيار 1994 مجموعة من تطبيقات الجودة لدرجة معينة تجعل أجزاء من النظام يتم تطبيقها، لكن من دون تكامل “منهج النظام”. ونتيجة لذلك فإن كل قسم في المنظمة يقوم بالوظيفة الموكلة إليه، فالسوق يحدد جزءًا يريده العملاء، ويترجمها قسم البحث والتطوير إلى مواصفة، ويقوم قسم الهندسة بتصميمها، ويعمل قسم المشتريات على شراء القطع، ويقوم قسم التصنيع بتصنيعها، ويعمل قسم الجودة على قياس العيوب، ويعتذر قسم خدمات العملاء عما ينتج من أخطاء. إن منهج النظام يزيل الحدود (بما في ذلك تلك التي توجد بين الشركات وعملائها ومورديها).
وقدم كروسبي أيضًا مفهوم فريق تحسين الجودة، الذي يوفر إطار عمل للمنظمات لتوجيه تحسين الجودة مع الأفعال الإدارية التي تعبر حدود المنظمة، وتوسع المجال إلى ما وراء الحدود التقليدية للعمليات أو التصنيع.
المبدأ السادس: التحسين المتواصل:
ينص المبدأ السادس للجودة (قام بتطويره فيليب كروسبي) على أن معيار أداء الجودة هو صفر للعيوب. وينص ببساطة على أنه لا ينبغي أن يكون الشخص راضيًا حتى ينجز العمل بالطريقة الصحيحة من المرة الأولى، وأن واجب كل العاملين فهم وإزالة المسببات الجذرية لاستياء العميل.
ويتطلب معيار عام 1994م تنظيمًا ليظهر بوضوح أنه حدد عمليات العمل، وأن العاملين يتبعون الإجراءات، وأن المنتجات غير المطابقة يتم تحديدها وعزلها. وعلى نحو لافت للنظر فإن معيار عام 1994م لا يتطلب بشكل خاص أن تتخذ المنظمة أية خطوة لتحسين جودة المنتجات والخدمات. ويتطلب معيار عام 2000م أن تستخدم الإدارة المعلومات من نظام الجودة لتطبيق التحسينات. ويتطلب المعيار على وجه الدقة أن تتضمن جهود التحسين أمورًا كثيرة مثل: سياسة جودة، أهداف جودة، تحليل، عمليات تصحيحية ووقائية، ومراجعة إدارية لتقييم فعالياتها.
وكجزء من الأربع عشرة خطوة لعملية تحسين الجودة، فقد قدم كروسبي أيضًا نظام الإجراء التصحيحي المنهجي لقياس عدم المطابقة، تحديد المسببات الجذرية، اتخاذ إجراء تصحيحي لإزالة المشكلات متكررة الحدوث وتقييم الحصيلة.
المبدأ السابع: منهجية حقيقية لصنع القرار:
يركز هذا المبدأ على الحاجة إلى جمع وتحليل بيانات إجراءات العمل. يتم الحصول على البيانات من مصادر متنوعة، بما في ذلك قياس رضا العميل، شكاوى العميل، الضمان، مرتجعات المنتج، حالات فشل الاختبار وقياسات الإجراء الأخرى. ويجب أن تبنى القرارات على معلومات حقيقية وليس على اعتقادات. والقياس المتواصل يقدم الدليل على فعالية إجراءات التحسين.
وتلزم عملية تحسين الجودة لكروسبي قياس عدم المطابقة لتحديد ما إذا كانت متطلبات العملاء قد تم استيفاؤها، وتحديد فرص التحسين، وتأكيد الجذور المسببة وتقييم فعالية الإجراءات التصحيحية.
المبدأ الثامن: علاقات المورد المشتركة المفيدة:
تمامًا كما يعبر منهج نظام الإدارة (انظر المبدأ الخامس) حدود الأقسام إلى تحسين الجودة، كذلك ينبغي تطوير العلاقات بين المنظمة ومورديها لضمان أن العملاء يتلقون ما وعدوا به. يجب أن تتقاسم المنظمة معلومات جودة مفصلة مع مورديها (نادرًا ما تكون بطاقات تسجيل العلامات كافية)، ويجب أن تصر على مشاركة مورديها لتحسين الإجراءات. إن الانفتاح والثقة المتبادلة أمران ضروريان للطرفين لإنجاح علاقتهما.
يشجع كروسبي استخدام مجالس الجودة لتشمل منظمات المورد في جهود التحسين وتعزز مشاركة الموردين في الإجراء التصحيحي.
يجب أن تبنى علاقة المنظمة مع مورديها على الثقة والمنفعة المتبادلة. إن منح المورد عقود التوريد بناء على أقل عرض لا يبني علاقات طويلة الأجل تحسن الجودة وتستبق تنفيذ رغبات العميل المستقبلية.
مسرد لأهم أعماله:
Crosby, Philip, Cutting the Cost of Quality, McGraw-Hill NY, 1967.
Crosby, Philip, Quality is Free: the Art of Making Quality Certain. McGraw-Hill Trade, NY, 1979.
Crosby, Philip, Quality without Tears: The Art of Hassle-Free Management. McGraw-Hill Trade, NY, 1995.
Crosby, Philip, Running Things: The Art of Making Things Happen, Hassle-Free Management, McGraw-Hill NY, 1986.
Crosby, Philip, the Eternally Successful Organization, McGraw-Hill NY, 1988.
Crosby, Philip, Let’s Talk Quality, McGraw-Hill NY, 1989.
Crosby, Philip, Leading: The Art of Becoming an Executive, DIANE Publishing Co., 1990.
Crosby, Philip, Completeness: Quality for the 21st Century, McGraw-Hill NY, 1992.
Crosby, Philip, Philip Crosby’s Reflections on Quality: 295 Inspirations from the World’s Foremost Quality Guru. McGraw-Hill Trade, NY, 1995.
Crosby, Philip, Quality is Still Free: Making Quality Uncertain Times. McGraw-Hill NY, 1996.
Crosby, Philip, The Absolutes of Leadership, Jossey-Bass, San Francisco, 1997.
Crosby, Philip, Quality and Me: Lessons of an Evolving Life, Jossy Bass, San Francisco, 1999.
المراجع:
Encyclopedia Britannica, International, 1996, S.V. (Crosby Philip).
The Dictionary of American Biography, Scribner Publishing Co., 1981.
Simple Systems: Philip Crosby.
المصدر :
د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).