الدكتور / سعيد بن حمود الزهرانى
يشكل الموظفين العاملين في أي منظمة مورداً لا يقل عن أي موارد أخرى كالموارد الطبيعية ، التكنولوجية . حيث أن الموارد البشرية هو المورد الذي تمتلكه جميع المنظمات.
فعلى سبيل المثال ، الشركات في دول مثل تايوان أو الدنمارك أو اليابان تتفاوت في مدى قدرتها على امتلاك الموارد الطبيعية وهي لاشك أنها تستطيع تلك الشركات أن تمتلك تكنولوجيا وموارد بشرية بشكل مماثل أو أفضل من مثيلاتها في الولايات المتحدة وبالتالي تستطيع تلك الشركات أن تنافس وتتفوق.
إن الموارد البشرية الماهرة هي الفيصل بين النجاح أو الفشل ، لم تكن النظرة التقليدية للموظفين أو العمال تعتبرهم كمورد ذا قيمة ، ولكن كجزء قابل للاستبدال في عملية الإنتاج يجب السيطرة عليه ومراقبته.
وعلى أي حال أدى التوجه إلى الإدارة الجيدة إلى تغيير تلك النظرة فعلى سبيل المثال يرى السيد Deming.D.W( وهو خبير عالمي في الجودة) أن الموظفين الجيدين القابلين للتطور هم مفتاح لنجاح الشركات والمنظمات ولاستمراريتها ، فلقد وضع السيد Demingأربعة عشرة نقطة لتحسين الجودة، أكثر من نصف تلك النقاط تتعلق بجودة الموظفين ، حيث أنه لابد من مشاركتهم والتزامهم في تحسين الجودة إن أرادت أي منظمة البلوغ إلى الجودة العالية وبالتالي فإن من واجب المنظمة أن تعتبرهم مصدر من مصادرها القيمة.
وثمة عامل آخر ساعد على تغيير النظرة إلى الموظفين وهو التحول الاقتصادي الذي جرى في الولايات المتحدة حيث توجه رأس المال إلى العمل في مجال الخدمات عن طريق المجال الصناعي وحيث أن شركات الخدمات تعتمد على الأفراد والموظفين بشكل أكبر من الشركات الصناعية فمن هنا انبثق الاهتمام الأكبر في الموارد البشرية كونها تشكل المورد الأكبر في الشركات ذات الطابع الخدمي ، كذلك كان للتطور التكنولوجي والاعتماد الكبير على تكنولوجيا المعلومات أثر كبير في الاهتمام في الموارد البشرية حيث أن تلك التكنولوجيا تحتاج إلى موارد بشرية ذات تحصيل عملى مرتفع ومهارات عالية وخبرات كبيرة للتعامل معها مما جعل شركة جوجل تهتم بموظفيها وتمنحهم المميزات التالية:
الطعام:يمكن للموظفين أن يأكلوا كل مايريدون وأمامهماختيارات واسعة من الطعام والشراب مجاناً.
غرفةخاصة بإزالة الضغط و الإجهاد: من خلال الكبسولةوالتي تسمي بآلة المحاكاة والتي يتم فيها عرض بالصوت والضوء .
محطة العمل :كل موظف على الأقل له اثنين من الشاشاتالكبيرة. وهناك 4-6‘Zooglers’ لكل مكتب.
الإبداع :لوحات كبيرة متاحة في كل مكان لأي أفكار يمكن أن تأتي لأي موظفيقول أحد مديرين جوجل ” أن الافكار دائما ًلا تأتي علي المكاتب “
أوقات الفراغ:طاولات البلياردو ، وألعاب الفيديووغيرها متوفرة في أماكن كثيره .
الاتصالات:متوفرة في كل طابق ، وهناك حجرات خاصةللمكالمات الشخصية.
الدعم الفني :إذا كان لديك أي مشكلة مع جهاز الكمبيوتر… الخاص بك؟ لا مشكلة… أحضره لقسم الدعم الفني حيث تستطيع أن تتناول مشروبا في حينأنه يجري تصليحه…
الصحة :تهتم جوجل بصحة موظفيها لذلك خصصت تلك المنطقةللتدليك وللفحص الطبي.
الإسترخاء:ليس هذا فحسب بل توفر جوجل قاعات… للاسترخاء لموظفيها حيث تتمتع بالمناظر الطبيعية لأحواض السمك.
المكتبات:ولم تنسى جوجل الاهتمامات الثقافية لموظفيهافأنشأت هذه المكتبة والتي تحتوي على المئات من الكتب معظمها عن البرمجة.
وكذلك أدركت الكثير من الشركات ذات طابع الجودة العالية أهمية الموارد البشرية لديها وأصبحت تاخذها بعين الاعتبار حين رسم استراتيجية تنافسية.
وحيث أن إدارة الجودة جزء مهم في التصميم الإستراتيجي وتقديم الخدمات المباشرة للزبون فإن للموارد البشرية دورَ مهم في إدارة الجودة الشاملة فإنه من المنطق أن يكون للموارد البشرية دور أساسي ومهم في عملية التخطيط الإستراتيجي.
إن من المهم أن تتحول العلاقة مع الموظفين من علاقة سيطرة إلى علاقة تعاون مبنية على أساس المحبة والإحترام ، والثقة المتبادلة ، وروح الفريق ، وتحقيق الأهداف .
هذا يتطلب التزام طويل الأمد من الشركة كجزء من إستراتجيتها.
في الأسلوب التقليدي للعلاقة بين الإدارة والموظفين ، يعطى الموظفون تعليمات من أجل إنجاز أهداف محددة ، وعليه فهم يكافئون على أساس قدراتهم الفردية بشكل يجعلهم متنافسون مع زملائهم في العمل.
الأمر الذي قد يثير الغيرة والحقد بينهم ، أما النظرة الحديثة القائمة على الجودة الشاملة فإن الموظفين يتمتعون بمدى حركة واسعة في أعمالهم حيث أنهم يحفزون على تحسن العمل ولديهم الصلاحيات للمبادرة إلى تحسن الأداء ومنع الأخطاء ، وتكون الأهداف الإستراتجية مبنية على أساس الجودة العالية وخدمة الزبائن بدلاً من زيادة الربح وخفض التكاليف ، وتكون المكافئة للمجموعة وليس للفرد . كما أن تدريب الموظفين مبني على أساس زيادة مهاراتهم في مجالات عديدة بدلاً من تدريبهم على مهارة محددة ، الأمر الذي يعطيهم القدرة على إنجاز أعمال عديدة.
لكي تقوم المنظمة بإدارة الموارد البشرية من هذا المنظور ، يجب عليها أن تعتبر الموارد البشرية كعامل رئيسي في تصميم الإستراتجية ولذلك جميع الشركات الفائزة بجائزة :
Malcolm Blablrgeالوطنية للجودة كانت تهتم اهتماماً كبيراً في الموارد البشرية فعلى سبيل المثال تعتمد كل من شركة Searsوشركة Federal Expressاعتماداً كبيراً على موظفيها لتطبيق استراتيجياتها.
يوجد لدى الشركات التي تعتمد فلسفة “الموظفون أولاً” في تصميم استراتيجياتها خواص متشابهة حيث أن تدريب وتأهيل الموظفين يعتبر من أهم الأشياء وينظر على أنه استثمار طويل الأمد . كذلك يعتبر الموظفين كأداة للتخطيط الإستراتيجي للإبداع التكنولوجي والإبداع في المنتج والخدمة. ولذلك تقوم شركة Motorollaبإعطاء موظفيها تدريباً يصل إلى 160 ساعة في السنة كي يواكبوا التغيرات التكنولوجية ويتعلموا كيفية المنافسة في الأسواق العالمية أما في الوطن العربي فإن الموظف لاياخذ من التدريب الا ساعات قليلة جدا في السنة.
إن من الخواص الأخرى للشركات التي لها تركيب استراتيجي يركز على جودة موظفيها إن الموظفين لديهم الصلاحية أن يتخذوا القرارات التي من شأنها تحسن الجودة ووتخدُم الزبائن.
فمثلاً يستطيع موظفو شركة AT&Tإيقاف الإنتاج إن لاحظوا أي مشكلة في جودة المنتج ، كذلك للموظف في فندق Ritz Corltonالسلطة بأن يصرف حتى 2000$ من أجل إرضاء الزبون ، ولكى تتأكد من أن استراتيجياتها المتعلقة بالموارد البشرية تعمل بشكل جيد تقوم تلك الشركات بمراقبة رضا الموظفين وذلك من خلال مسوحات على الموظفين فكل الشركات الفائزة بجائزة Malcolm Blablrgeللجودة تقوم بعمل مسح سنوي على موظفيها لتقييم رضا الموظفين ولتحسين الرضا الوظيفي لديها . إن جو العمل المريح أساس في تحسين الرضا الوظيفي وشركة جوجل اكبر مثال ، على ذلك .
لذلك تقوم الكثير من الشركات بإعطاء موظفيها مرونة في ساعات الدوام ، أو تقوم شركات بإنشاء مراكز لياقة من أجل موظفيها.
إن الأهداف الإستراتيجية المتعلقة بالجودة ورضا الزبائن تحتاج إلى المشاركة الجماعية وفرق العمل فشركة Texas Instrumentتحرص على أن يكون كل موظف من ضمن فريق عمل لحل المشاكل المتعلقة بالجودة ، وهنا يجب أن ينظر إلى جميع المقترحات باهتمام فمثلاً تقوم شركة كاديلاك بالرد على كثافة مقترحات موظفيها خلال 24 ساعة.
إن من أهم العوامل نجاح الإستراتيجية هو أن يكون الموظفون على دراية بالأهداف الإستراتيجية للمنظمة وأن يشعروا بأنهم عامل مهم في بلوغ تلك الأهداف .
وفي غزوة حنين فهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام بالمواردالبشرية لذا قام بتوزيع الغنائم على رؤساء القبائل وأشراف مكة والمؤلفةقلوبهم، وأفاض في العطاء، حتى ازدحم عليه الأعراب والناس طمعًا في المـال، ولم يعطالنـبي صلى الله عليه وسلم مع الذين وقفوا معه فى الحرب وهذا يدل على فهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هولاء القوم سوف يكون لهم الأتر في تحقيق نشر الاسلام في بقاع الارض .