الكاتب: دكتور محمد بلال
اولا: الرؤية والاتجاة
يسعى ابناء امتنا العربية الى التقدم العلمى وامتلاك مفاتيح التكنولوجيا وتساعدهم وتدعمهم جهات عديدة ولكننا لم نصل بعد الى مرتبة عالية تضعنا فى مصاف الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا بما يعود على الفرد العربى بمردود وخير العلم – فماذا إن طبقنا بعض المفاهيم الغائبة عنا.
واهم المفاهيم التى يجب ان تتوافر لدى الباحثين و لدى صناع القرار فى المؤسسات الانتاجية والخدمية هو ان يعرف متسلسلة المنظومة التكنولوجية وموقعة فيها ونقطة الانطلاق ليعرف كيف تنهض المشروعات وكيف نملك مفاتيح التكنولوجيا التى تمكننا من ان نتقدم وننافس بمنتجاتنا. وقد تتوافر هذة الثقافة لدى الكثير ولكن يمنعهم من التطور قلة امكانيات مشروعاتهم لاجراء البحوث العلمية والتكنولوجية او دفع ثمنها للجامعات ومعاهد ومراكز البحوث
وتتكون منظومة العمل التكنولوجي من متسلسلة:
( البحث العلمى – تنمية و تطوير البحوث – خطوط الإنتاج وحقوق المعرفة – المصنع – المنتج)
Research – development – production lines and know how– factories – product))
متضمنين منظومة القياس ومنظومة الجودة. وتكون قنوات الاتصال بينهم والانتقال من مرحلة الى اخرى فى الدول المتقدمة إما من خلال آليات قوية للتمويل اوالعمل المشترك أو بدمج المراحل أو خليط بين الوسيلتين.
تسلسل المنظومة التكنولوجية . يجب على الفرد/ المؤسسة ان يعرف موقعة ( اى نقطة الاستلام والانطلاق)
جدول يوضح المتسلسلة التكنولوجية فى بعض الدول
المنظومة |
بحوث |
تنمية بحوث |
حق المعرفة |
ابتكار خطوط انتاج |
المصنع |
المنتج |
العامل البشرى |
علماء |
خبراء تنمية وتطوير البحوث |
خبراء تنمية وتطوير البحوث |
خبراء تنمية وتطوير البحوث |
خبراء الانتاج |
علماء وخبراء واقتصاديين |
بمصر |
الامكانيات فى حاجة الى دعم / الفرد فى حاجة الى دعم مادى ومعنوى وحماية |
حلقة ومهنة مفقودة بمصر |
حلقة ومهنة مفقودة بمصر |
حلقة ومهنة مفقودة بمصر |
خبرة متواجدة وتكتسب |
لا توجد ثقافة عامة ولا برنامج قومى لدراسات المقارنة |
باليابان |
مدمجة تحت مصطلح بحوث تطبيقية (الحزمة التكنولوجية) |
خبرة متواجدة وتكتسب |
اهتمام علمى وسياسى واقتصادى |
|||
امريكا |
امكانيات قوية |
خبراء / امكانيات/أليات وجسور قوية |
خبراء / امكانيات/أليات وجسور قوية |
خبراء / امكانيات/أليات وجسور قوية |
خبرة متواجدة وتكتسب |
اهتمام علمى وسياسى واقتصادى |
ايطاليا |
امكانيات قوية |
خبراء / امكانيات/أليات وجسور قوية |
خبراء / امكانيات/أليات وجسور قوية |
خبراء / امكانيات/أليات وجسور قوية |
خبرة متواجدة وتكتسب ولها سمة المقارانات التقنية والفنية واخذ الوسطية بين نظم الانتاج والاختبارات |
اهتمام علمى وسياسى واقتصادى |
التكنولوجيات المتقدمة والمستقبلية مدمجة تحت مصطلح بحوث تطبيقية ( الحزمة التكنولوجية) |
||||||
الصين |
امكانيات تنموا |
خبراء / علماء |
خبراء/علماء |
خبراء/ هندسة عكسية |
خبرة متواجدة وتكتسب |
اهتمام علمى وسياسى واقتصادى |
أما الحال بمصر ومعظم البلاد العربية بالنسبة للصناعة فهو :
1- البحث العلمى: مصر في المرتبة الثامنة والثلاثين عالميا, والأولي عربيا من حيث الإنتاج العلمي., وبلغ عدد البحوث المنشورة لباحثين مصريين في الدوريات العالمية1934 بحثا في عام2007 وتشكل المشاركة المصرية في بحوث العلوم والهندسة نسبة2% من إنتاج المعرفة العلمية في العالم, ومصر تفوقت علي الدول الصاعدة في شرق أوروبا وجنوب آسيا في الترتيب العالمي في قائمة الدول الـ45 الأكثر تفوقا, ولكن البحث العلمى بمصر غالبا بالجامعات والمراكز البحثية لاعتبارات قانونية وتنظيمية ولعدم رغبة او عدم قدرة كثير من المؤسسات الاقتصادية على تكاليف البحث العلمى..
2- تنمية وتطوير البحوث
ا- اكتفت فيه مصر بالاعتماد على مكتب تنمية وبراءة الاختراع بأكاديمية البحث العلمى حيث يتقدم الباحثين المصريين سنويا باكثر من الفى بحث وبراءة اختراع حيث ينفذ منها من 10-20 اختراعا فقط فمثلا فى عام 2007 قدم الباحثون ٢١٥٧بحثاً وبراءة اختراع لم ينفذ منها سوي ١٥ اختراعاً والأكاديمية هى التى قامت بتنفيذها وذلك في حدود الإمكانيات المتاحة.. فلذلك من الضرورى توافر تمويل من الصناديق الممولة للعلوم والتنمية التكنولوجية لتطوير وتنمية الابتكارات بواسطة شركات التنمية التكنولوجية
ب-أما تنمية وتطوير البحوث بمواقع الإنتاج والخدمات فتوجد هياكل تنظيمية صورية لها, أو غير متوفر لها الإمكانيات وأحيانا مقيدة ولا توجد قنوات لها لتجميع البحوث فى مجال عملها وتنميتها وابتكار النماذج الأولية proto-typesوتحسينها إلى المنتج النهائي وتصميم خطوط الإنتاج. وقد يرجع سبب ذلك الى غياب التمويل او بمحدودية اهداف هذة الوحدات كوحدات شبيهة بوحدات الصيانة, او لغياب الكوادر او لغياب مهنة اواحترافية تطوير البحوث. ويمكن لقطاعات الانتاج والخدمات تنفيذ هذه المرحلة من منظومتها التكنولوجية من خلال اللجوء الى شركات عالية الاحترافية والتخصص ” شركات تنمية تكنولوجية” تحقيق لها هذة الاهداف والوصول بهذة القطاعات والشركات الى امتلاك مفاتيح التكنولوجيا فى مجال نشاطها الاقتصادى.
ت-وتوجد ملحوظة فى هذه الوحدات التى تسمى R&D فيعتقد البعض ان التطوير هى كلمة مطلقة لكل اوجة النشاط وهذا خطأ فادح ادى الى غياب الرؤية والاتجاة واوجد حلقة مفقودة فى المنظومة التكنولوجية لان التطوير هنا هو تطوير البحث او تنميتة او تطويعة او اجادة استخدامة وتطبيقة وبالتالى اجراء التعديل المناسب على خطوات الانتاج او كيفيتة ( حق المعرفة) اى هى نقط استلام الابحاث والانطلاق لباقى المنظومة التكنولوجية
ث-ويمكن لصناديق العلوم والتنمية التكنولوجية المساعدة فى انشاء شركات التنمية التكنولوجية او تمويل المشروعات البحثية التى تقوم بها الشركات التكنولوجية القائمة لصالح مؤسسة اقتصادية ما ,على ان ترد هذة المؤسسة ما صرف على مشروعها البحثى من الارباح التى تجنيها من تطبيق هذا المشروع البحثى.
3- خطوط الإنتاجاكتفت فيه مصر والدول العربية غالبا بشراء الخطوط وأيضا حقوق المعرفة know-how, حتى الهندسة العكسية لم تنموا بها بالقدر المطلوب. وهذه المرحلة من المنظومة هى اكبر واهم المراحل فى المنظومة التكنولوجية وهى ذات الاثر الاكبر على النجاح الاقتصادى وما يترتب علية من مردود سياسى واجتماعى. ويجب ان نشجع المؤسسات على اللجوء الى البحث العلمى لتحقيق هذه الخطوة الهامة فى المنظومة التكنولوجية لكل شركة او قطاع تكنولوجى. ولكى نكون واقعيين فهذه الخطة تحتاج الى الجهد الاكبر ووقت كبير ولتحقيق نتائج على المدى القصير يجب التركيز على الاتحادات الصناعية والغرف الصناعية وتشجيع الرواد من كل صناعة الراغبين فى امتلاك مفاتيح التكنولوجيا لصناعتهم وتصنيع خطوط انتاجها.
4- المصانع:
ا- اغلبها يتم شراءها
ب- وغالبا لتجميع المنتج او للتشكيل فقط وأحيانا للتعبئة فقط فهي اغلبها شركات استيراد تحت مسمى صناعة
ج- غياب التعاون العلمى بين صناعات الخامة والخامات الوسيطة والمنتج
– لا يوجد برنامج وطني لتصنيع الخامات نفسها ولا استحداث وابتكار للخامات الصناعية الجديدة
– لا يوجد برنامج وطني للصناعات الوسيطة لتحسين خواص المواد المستخدمة ذاتها
– لا يوجد برنامج وطني لدراسة المنتج النهائي وتحديد الفجوة التكنولوجية بينة وبين نظيره الأجنبي وبالتالي تحديد اتجاهات التطوير التكنولوجي
كما لا توجد خطط لتطوير طرق لهذا الإنتاج. وهنا يأتى دور مؤسسات الدعم فى هذه المرحلة والذى يأخذ شكل من اشكال الالزام والالتزام من كل الشركات ( فى ظل حيادية وشفافية وبعيدا عن الفساد والشللية او التحيزلشركة عن اخرى ) مع التركيزعلى دعم المؤسسات العلمية والشركات التكنولوجية فهم اكثر قدرة على تحقيق هذه الاعمال.
5- اما المنتجفيخرج للاستهلاك المحلى وبعد فترة يكون غير كفأ لأى منافسة وكثير من المصانع قابعة عن تطوير نفسها مكتفيه بسرعة جني الربح السهل الذى منحته لها الدول فى مزايا الاستثمار بدون ضمانات النمو الصناعي والتطوير التكنولوجى المطلوب ببناء صناعة وطنية وتطوير وامتلاك مفاتيح التكنولوجيات المتقدمة بالتعاون مع البحث العلمى والشركات التكنولوجية كهدف لهذه المصانع. ويجب ان تنطلق حملات اعلامية متضمنة بشكل بارز اهمية تطوير وجودة وكفاءة الانتاج للمنافسة لتحقيق عائد واستقرار وتقدم اقتصادى للمؤسسة بدلا من تخلفها وانخفاض العائد الاقتصادى لها. ويجب تشجيع وتسهيل التعاون بين المؤسسة الانتاجية والخدمية والمؤسسات البحثية والشركات التكنولوجية بتمويل من الصناديق مع اعادة راس المال المخاطر الذى دفع فى الدراسة والبحث الى الصندوق مرة اخرى مع نسبة ربح.
أن الحكومات العربية لم تضع المنظومة التكنولوجية ضمن سياساتها ولم نجد من بين وزراء البحث العلمى فى الوطن العربى من يضع المنظومة لبلده ويحدد سياساتة تفصيلا فيها. فعلى سبيل المثال نجد الصين قد وضعت منظومة تكنولوجية واضحة فقد دمجت مثل التجربة التابانية المراحل الثلاث الاولى فى المؤسسات البحثية والانتاجية على السواء فيستطيع القارئ ان ينظر الى اسماء الشركلت الصينية ( الاسم التجارى سواء المكان او اسم ما + مراحل المنظومة التكنولوجية بحث و/او تطوير + انتاج + نوع الشركة قانونا ) ولديها تصنيع خطوط الانتاج وحقوق المعرفة. فمتى سيظع وزير عربى منظومة لوطنة؟
ثانيا: الفرد
ان العملية البحثية تشمل الفرد (الباحث العلمى) والامكانيات (فى المعمل او المصنع) .فبالنسبة للفرد فقد حددت لجنة البحث العلمى فى الامم المتحدة اربعة شروط لدعم الفرد لكى يقدم ابحاثه وابتكاراته , هى:
اتاحة ظروف فكريةبخلق مناخ فكرى فى ثقافة الشعوب باهمية اللجوء للبحث العلمى . ان نشر ثقافة البحث وامتلاك التكنولوجيا من خلال مشروعات بحثية وتكنولوجية ممولة هى اهم مرتكز للنجاح
وتقاليد علمية اخلاقية بتوجية البحث العلمى لخدمة المجتمع والبعد بة عن كل ما يمس اخلاقياتة والعمل بروح الفريق وضمان حقوق الملكية الفكرية وحماية الباحثين من الاضطهاد
ودعم مؤسسى وهو الدور الذى يجب ان تلتزم بة الحكومات وصناديق الدعم المالى للمشروعات البحثية والتنمية التكنولوجية وكذلك رواتب العلماء التى تفرغ فكرهم وطاقاتهم للعلم فعلى سبيل المثال رواتب علماء مصر خارج جدول المرتبات المتسلسل لكل دول العالم فالدول المتقدمة التى على قمة الجدول يتقاضى الباحث فيها ما يقرب من 50000 دولار والدول التى بها مجاعات وهى فى اخر الجدول يتقاضى الباحث 3000 دولار بينما يتقاضى العالم فى مصر 350 دولار بينما مركزة هو الثامن والثلاثون المقابل لراتب 12000 دولار.
وارادة عامةوهو ما تعبرعنة قيادات الدولة من دعم وتشجيع ووضع سياسات وقوانيين ولوائح
وحيث نتطرق للعنصر البشرى فيجب ان تشجيع العلماء بالخارج الذين يرغبون فى العودة لوطنهم ويخشون من عدم وجود تمويل لابحاثهم وطموحاتهم ونتصل بهم عن طريق الشبكة العنكبوتية ومن خلال “النشرات الدورية ومن خلال برامج الزيارات التى تنظمها الدول لهم وطمانتهم بان التمويل قد توافر
ليس ذلك فقط بل لاثراء خبرات وثقافة ومعارف العلماء بالداخل فيجب الانفتاح علي المدارس العلمية في العالم بكل التخصصات, وكذلك تنمية مهارات الباحثين العرب من خلال الأبحاث المشتركة مع العلماء في الدول المتقدمة وتشجيع نشر الأبحاث في الدوريات العالمية المحكمة
ولتحقيق الاهداف عالية يكون من خلال الاتصال المباشر ( ندوات- ورش عمل- مؤتمرات- زيارات – دعاية مستهدفة) او الغير مباشر ( قيادات البحث العلمى مع مندوبين الاعلام من خلال برامج فى الاذاعة والتليفزيون والجرائد والمجلات) ويجب:
1- احداث اثر فى ثقافة وفكر المجتمع يرتكز على اهم موضوع لديهم وهو المكسب والاستمرارية بالتعاون مع البحث العلمى بالتوازى مع ثقافة الخوف من تخلف مؤسستة ومنتجة وان هذا الضعف سوف يتأثر بعنف بتقلبات السوق. وهذه حقيقة.
2- انارة الطريق امام صناع القرار فى المؤسسات الانتاجية او الخدمية او الجامعات والمعاهد البحثية الى مصادر التمويل مثل صناديق العلوم والتنمية التكنولوجية وكيفية التعامل معها ببيانات وبتعليمات وافية وواضحة ومشجعة بالتوازى مع طرد مخاوف رفض مشروعة البحثى او التكنولوجى نتيجة وجود فساد فيمن يحكمون بين المتقدمين وهو اخطر مستويات الفساد التى تؤدى للاحباط واليأس وهوالسبب الرئيسى فى تخلف الامة العربية.